الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة في العرض الأول لمسرحية "في العاصفة.." لحسن المؤذن: واقع المجتمع التونسي بعيون شكسبيرية

نشر في  13 فيفري 2018  (09:26)

 قدّم المركز الوطني لفن العرائس مساء السبت 10 فيفري 2018 العرضّ الأوّل للمسرحيّة العرائسيّة "في العاصمة…"، وهي أول إنتاج في هذا النمط موجّه للكبار. ويأتي عرض هذا العمل احتفالا بمرور 25 سنة على تأسيس المركز الوطني لفنّ العرائس.

والمسرحية من إنتاج المركز الوطني لفنّ العرائس بدعم من وزارة الشؤون الثقافيّة وبإدارة إنتاج لمدير المركز حسّان السّلامي، يحرّك عرائسها كلّ من أيمن النخيلي ونهاد التواتي وفاطمة الزهراء المرواني وهيثم ونّاس وبلال الجلاصي و وائل باتي و فارس العفيف و عبد السلام الجمل و محمد أمين الكسوري وامين المليتي بسينوغرافيا لوليد السعدي وتوظيب ركحي لـلميّم الرحّالي فيما تكفّلت ورشة المركز الوطني لفنّ العرائس بصنع الديكور والمتمّمات والعرائس.

طيلة 3 ساعات كان العمل مليئا بالأحداث والمشاهد التي غلب عليها الطابع الجدي والتراجيدي في التناول، وقد تخلل هذا الطرح التراجيدي أكثر من مساحة للكوميديا والمواقف الهزلية التي أضفت على العمل الكثير من الطرافة.

تسرد المسرحيّة قصة حرمان الملك ”ديـــوب” إبنتـه الصّغــرى ”ساماتــا” من نصيبهــا في المملكـة لإمتناعها عن تملّقـــه ومُحَابَاتــه، إلاَّ أنَّ ”تيمــورا” و ”نياماتـــا” اللّتيـن تعهّــدتــا بإيوائــه ورعايتــه تخونــان العهـــد، وتحجّــران عليه، فيلجــأ إلى الهــروب بمساعــدة أوفيــاء لــه، ويجــد نفســه في العاصفــة والعــراء حتّــى يشــرف على الجنـــون.

ولا يختلف مصيــر النبيــل ”كـــوام” عن مصيــر ”ديــوب” إذ يغــدر به إبنــه غير الشرعيّ “سنغـــو” ، طمعــا في الاستئثــــار بإرثــه على حساب أخيــه الشرعــيّ ”بنغـــو“. ولا يختلف عاقلان في دسامة النص الذي اعتمده حسن المؤذن والناطق باللغة العربية، والذي كان ممتعا وجذابا وقريبا من الأذن التي اعتادت النصوص "الخفيفة" والمطعمة بألفاظ من الدارجة المحلية.

استطاع النص المعتمد لوحده أن يضمن أرضية للفرجة ، ثم تشابكت الجهود بين الأداء الممتاز للممثلين الذين حرّكوا العرائسي والموسيقى المصاحبة وأيضا الإضاءة والملابس التي ظهرت بها شخصيات العمل في مسرحية "في العاصفة" لتكون الخلطة باعثة على حب المسرح وحب الحياة.

والحدث هام فعلا لأنه وبمرور 25 سنة على تأسيس مركز فن العرائس جاء يوم واكبنا فيه عرضا عرائسيا للكبار يقع في ثلاث ساعات كانت جودة وصدق، ورغم إيماننا بأن المسرح هو وجه آخر من الحقيقة إلا أن "في العاصفة.." فتحت لنا أيضا بابا للحلم والخيال.

النص مقتبس عن مسرحية "الملك لير" لوليام شكسبير ولكن حسن المؤذن ألقى بظلال الواقع المعاش هنا في تونس على عمله ، فالنقد موجه في جانب منه إلى الشعوب التي قد تعتقد في عدل الحاكم بينما تكتشف أخيرا رغبتها الملحّة في ثورة تذهب كالعاصفة بآثار كل قديم بال وغير منصف للأغلبية.

"في العاصفة..." عمل يستحق الاكتشاف والمواكبة لأنه ثريّ بما يكفي لشدّ المشاهد طيلة ساعات.